السيد النائب،
نتوجه اليك بكتابنا هذا لنذكرك بدورك التشريعي الذي اختطفه حاكم مصرف لبنان.
فالحاكم يصدر التعاميم بالمفرق فيما يخص الوضع النقدي والمصرفي ويضع الضوابط والقيود ويحدد المسموح والممنوع ويخالف القوانين المرعية الاجراء التي صدرت عن مجلس النواب الذي يمثل الشعب كل الشعب.
وتعاميم حاكم مصرف لبنان تأتي آخذة بعين الاعتبار مصلحة واحدة وهي مصلحة المصارف وسلطة المصارف التي سطت على أموال الناس بقوة السلطة السياسية التي تملك القطاع المصرفي وتستأثر به وتتحكم بمساره.
وعوضا أن يقوم المجلس النيابي بدوره الدستوري بالتدخل الفوري والسريع لتنظيم الوضع المصرفي الحالي واقرار القوانين التي تحمي المودعين وحقوقهم، نراكم غائبين تماما عن دوركم ومجلسكم في حالة الغيبوبة الكاملة.
ولأن التعميمات والقرارات الصادرة عن حاكم مصرف لبنان والتي تصدر الى حد بعيد بصيغ التشريع والقوننة متجاوزة بذلك كل الحدود وكل الاعتبار لمجلس النواب ولدوره ولوظيفته ومهامه في التشريع والقوننة، لا يجوز بأي حال ان تلغي او تخالف القانون أو تكرس قواعد وقيود لم ينص عليها القانون،
بناءً لما تقدم نتوجه اليكم بكتابنا هذا مفندين بعض من المخالفات المرتكبة من قبل حاكم مصرف لبنان:
- إن التعاميم التي صدرت تباعا منذ بداية الأزمة والتخبط الذي أرسته أدت الى إنشاء وخلق أكثر من أربعة أسعار لصرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، بحيث أن هنالك سعر صرف حقيقي في السوق، وكما أن هنالك منصة أنشأها حاكم مصرف لبنان من شأنها تحديد سعر صرف لسحب سقف شهري ويومي على السحوبات بالاستناد الى هذا السعر دون أن يكون هنالك أية معايير لتحديد سعر الصرف من خلال المنصة، السعر الرسمي، والتعميم الذي من خلاله حول الودائع التي تقل عن خمسة ملايين ليرة لبنانية الى الدولار الأميركي وأجاز سحبها حسب سعر المنصة،
كما ولابد من الإشارة إلى أن تعاميم الحاكم شكلت تغطية للمصارف لوقف سحب الودائع بالدولار الأميركي لأي مودع من المودعين، وكما أنه حدد سقف لسحب الأموال قيمياً وزمنياً، ضارباً بذلك المبادئ الدستورية الحامية لحق الملكية ومنصباً نفسه مشرعاً أقر كابيتال كونترول على الودائع،
- في التعميم الصادر رقم 153 قرر الحاكم ان قرر الحاكم حصر التحويلات لدواعي التعليم خارج لبنان والمعيشة بمبلغ 10000 دولار في السنة وهو ما عرض آلاف الطلاب لفقدان فرصتهم بإكمال تعليمهم نظراً لكون المبالغ المتوجبة للأقساط والإيجار وكلفة المعيشة تتخطى هذا الرقم وتختلف بحسب كل طالب وكل جامعة،
- في التعميم رقم 568 المتعلق بعمليات “التسليف والتوظيف والمساهمة والمشاركة” يلزم مصرف لبنان المصارف باستيفاء سندات القروض الشخصية والسكنية بالليرة اللبنانية وعلى سعر صرف 1507.5 شرط ألا يكون صاحب القرض مقيم في لبنان، وألا يكون لديه حساب بالعملة الأجنبية ممكن تسديد الأقساط منه.. وبالتالي يمارس مصرف لبنان عملية فرز المواطنين اللبنانيين بين مقيم ومغترب ويميز بين المواطنين على أساس دنيء يهدف للحصول بأي طريقة على دولارات، كما ويخالف كافة العقود الموقعة بين البنك والزبون ويشرع إساءة الأمانة في الودائع والمس بحسابات المودعين من غير وجه حق ولمجرد التخلص من ودائعهم بالدولار ويخالف قانون النقد والتسليف لناحية رفض التعامل بالعملة اللبنانية ويساهم في الحط من قيمتها،
- في التعميم رقم 154 المتعلق بالإجراءات الاستثنائية لإعادة تفعيل عمل المصارف يستعرض حاكم مصرف لبنان حرصه على استعادة الأموال التي تم تهريبها للخارج عبر الطلب من المصارف “حثّ” عملائها الذين قام أي منهم بتحويل ما يفوق 500 ألف دولار أميركي أو ما يوازيه بالعملات الأجنبية الأخرى للخارج خلال الفترة المبتدئة من 2017/7/1 حتى تاريخ صدور هذا القرار، على أن يودعوا في حساب خاص مجمد لمدة خمس سنوات مبلغا يوازي 15% من القيمة المحولة، ويشمل هذا ” الحث” رؤساء وأعضاء مجلس إدارة وكبار مساهمي المصارف.. يتبين بوضوح من خلال هذا التعميم استخفاف الحاكم بعقول اللبنانيين وكأن الحاكم والمصارف نصبوا أنفسهم مكان السلطة القضائية ويستخدمون قانون تبييض الأموال للابتزاز، فمن يخضع يقرّ له الحاكم منع المحاسبة عن تهريب أمواله، كما يمنع التدقيق في حساباته، ويمنحه فوائد عالية على جزء من ثرواته، ويضمن له استعادتها بعد خمس سنوات ليبقى الكابيتال كونترول غير القانوني مطبقا فقط على المودعين المتوسطين والصغار!
- في التعميم 567 ينصب الحاكم المصارف كلجنة خبراء تقدر مدى تأثر كل عميل بالأحداث التي عصفت بلبنان وتقرر باستنسابية كيفية تصنيفه وسبل التعامل مع دينه، دونما مراعاة لأي مؤشر قانوني.
إن غياب التشريع والتقصير من قبل النواب سمح لحاكم مصرف لبنان بالتمادي واعتبار تعاميمه بمثابة قوانين ملزمة في الواقع على عكس المنطق القانوني على الرغم من أن تعاميم حاكم مصرف لبنان وهندساته المالية بأجمعها ساهمت في تسريع عجلة الانهيار وشكلت جزء لا يتجزأ من الفساد الإداري والمالي،
انّ هذه المخالفات هي غيض من فيض، وأمام هذه المهزلة ننبحث عن دوركم وعن تأثيركم وعن مواكبتكم للشعب الذي انتخبكم، ونسأل أين أنتم؟!
ان المصارف وباسم تعاميم الحاكم وقراراته ترتكب يوميا مجازر أخلاقية بحق المودعين وتتلاعب بأعصابهم وبآمالهم وبأحلامهم ولم نر مصرف لبنان بأجهزته يتخذ تدبيرا واحدا بوجه طغمة المصارف هذه.
وعليه،
وايمانا منا أنّ منبر مجلس النواب هو منبر الناس، ولو كان هذا المنبر صامتا بفعل ارادة النواب والطغمة السياسية أجمعين، الا أنه من حقنا أن نرفع الصوت عاليا من خلال هذا المنبر لنقول لكم أن القوانين تنتهك من قبل موظفين مأمورين ومحميين منكم، والقوانين تسن أيضا تحت ستار التعاميم، من قبل نفس الموظفين وأنتم نواب الأمة في سكون تام.
عودوا الى دوركم التشريعي، وواكبوا هذه السرقة التي تنتهك بحق الشعب الذي انتخبكم، وقوننوا وشرعوا لمصلحة هذا الشعب وأوقفوا هذه المهزلة رأسا وحالا.